لعبت عدة أحداث هامة دورها في تطور علم النفس المعرفي في منتصف القرن العشرين، ومن هذه الأحداث ما شهدته التكنولوجيا الحربية من تطور في الحرب العالمية الثانية، فقد ظهرت الحاجة من وراء هذه الأحداث والتطور في التكنولوجيا الحربية والأسلحة إلى دراسة الأداء العقلي والعمليات العقلية التي تحدث في مخ الإنسان، وفهم هذه العمليات بشكل أكثر عمقا وملاحظة تغيراتها ونتائجها خاصة عندما يتعرض الإنسان للظروف العصيبة أو الخطر في أوقات الحرب وغيرها، ونتناول في سياق الحديث عن هذا الفرع من فروع علم النفس المجالات التي يشملها هذا الفرع ويعتمد عليها في البحث العلمي.
علم النفس المعرفي
لعب الفلاسفة دورا هام في ظهور علم النفس العام ونشأته، كما كان لهم أيضا دور كبير في تطور ما يعرف بعلم النفس المعرفي أو علم النفس الإدراكي، يهتم علم النفس المعرفي بدراسة طرق الإدراك والتفكير والتذكر وغيرها من العمليات العقلية، إذ يهتم بالعمليات العقلية والذهنية للإنسان والتي تحدث في الدماغ، وعلى الرغم من أنه يعتمد على الاستعانة بالمنهج العلمي في البحث إلا أنه يعترف بالعمليات الذهنية الداخلية مثل الدافع والرغبة، وقد تعددت وتباينت الآراء ووجهات النظر حول تعريفه وظهرت العديد من التعريفات التي تناولته ومنها:
- عرف العالم نيسر هذا العلم بأنه يشير إلى كافة العمليات التي من شأنها نقل المدخلات الحسية والمعلومات وهذه العمليات يقوم بها الإنسان، ثم يقوم بعد ذلك بمعالجة هذه المعلومات والمدخلات بالتفسير والاختصار والتحويل، إلى أن يصل للمرحلة الأخيرة وهي عملية التخزين التي تخزن بها المعلومات التي تم معالجتها لحين الحاجة إلى استعمالها.
- أشار كلا من ميلهارت ودرنالد نورمان وديفيد إلى أنهم كعلماء لعلم النفس المعرفي يهتمون بالإجابة على العديد من التساؤلات منها كيفية وطريقة تفكير الناس وإدراكهم والطريقة التي يستخدمونها في توظيف المعرفة.
اقرأ أيضًا: ما هو مفهوم علم النفس المعرفي
المجالات الأساسية في علم النفس المعرفي
يلتقي علم النفس المعرفي مع بعض العلوم والفروع الأخرى التي تتعلق بالفلسفة واللغويات والأعصاب، ويستخدم بالاشتراك أيضا مع علم نفس السلوك في العلاج السلوكي، وقد ظهرت العديد من النظريات التي استعان بها العلماء في تفسير وتحليل العمليات العقلية للإنسان، وهذه النظريات تم الاستناد فيها إلى عدة مجالات أساسية يعتمد عليها في البحث العلمي وهذه المجالات هي:
- علوم الدماغ: ظهرت العديد من الإنجازات الهامة والدقيقة التي تدور حول طبيعة العقل البشري، وهذه الإنجازات كانت نتاج للتعاون الذي حدث بين علماء هذا الفرع من فروع علم النفس وبين علماء المخ والأعصاب، إذ أن كلا منهما يحتاج الآخر للاستعانة به في تفسير عدد من الملاحظات التي تتعلق بنتائجهم.
- الإدراك: يهتم هذا المجال بالمنبهات الحسية للإنسان والكشف عنها والعمل على تفسير هذه المنبهات وبيانها، ويشترط لحدوثه وجود مثير يتعرف عليه ويشعر به ويستجيب له.
- الذاكرة: يحتاج الإنسان للقيام بالعديد من الوظائف إلى عمليتين عقليتين وهما الإدراك والذاكرة، واللتان تعملان معا إذ يقوم الإنسان عندما يستقبل معلومات جديدة بحفظها لفترة لاستخدامها وقت الحاجة، فالذاكرة تشير إلى العمليات العقلية التي يكتسب بواسطتها الإنسان المعلومات الخارجية ثم يحتفظ بها إلى حين أن يحتاج لها ويقوم باستخدامها في المستقبل.
- التعرف على النمط: يظن الإنسان أن ما يحدث في حياته من أحداث يعد منفصلا إلا أن هذه الأحداث تشكل وتمثل نمط واحد، فهي عبارة عن مجموعة من المنبهات الحسية المتكاملة.
- تمثيل المعرفة: تحدث هذه العملية من خلال استخلاص للإنسان للمعلومات من الخبرة الحسية ثم يقوم حينئذ بعمل إعادة تنظيم لها ويضيفها إلى المعلومات التي قام بتخزينها من قبل، وتختلف هذه العملية من فرد لأخر فلكل فرد عملية تمثيل تميزه عن الأخر.
- اللغة: يحتاج الإنسان عند قيامه بعملية الاتصال مع الأخرين إلى أن يستعين بقاموس المفردات الذي يقوم بتخزينه، ومن أجل إيضاح المعلومة يصاحب عملية الاتصال بعض ردود الأفعال الجسدية من أجل شرح هذه المعلومة وإيصالها للآخرين.
- التصور الذهني أو التخيل: يعد هذا الشكل من الأشكال التي يشملها التمثيل المعرفي، إذ يقوم الإنسان إذا أرد أن يصف معالم أو أحداث صادفها في حياته ويخزنها على شكل صور ذهنية وخرائط معرفية، ويقوم حينها باستدعاء هذه الصور والخرائط ويقوم بتحويلها إلى كلمات.
اقرأ أيضًا: تعريف علم النفس التربوي
المصدر