هل مايكرو الحواجب حلال ؟ المايكرو أو تقنية المايكروبليدنج هي أحد أنواع الوشم الذي يوم أثره حوالي عامين ، ويتم عن طريق استخدام شفرة دقيقة تشبه الموس ، لرسم الحاجب ويتم حقن مادة كيميائية بواسطة الشفرة ، وهو يشبه التاتو ، الذي يتم عن طريق غرس إبرة لحقن المادة بدلا من الشفرة ، لكن التاتو دائم ، ولا يزال إلا بواسطة الليزر .
هل مايكرو الحواجب حلال ؟
تختلف تقنية المايكروبليدنج عن الوشم ، فالرسم الناتج عنه يبدأ في التلاشي تدريجيا بعد 18 شهرا إلى عامين ، ويمكن إعادة رسم الحاجبين مجددا ، على عكس الوشم لا يزول إلا باستخدام الليزر ، وهو عبارة عن غرس لون تحت الجلد ، والوشم ملعون ومحرم سواء تم الحشو بالرصاص او الكحل أو أي مواد أخرى .
إذا اقتضت تقنية الوشم إزالة بعض الشعر لتصحيح الرسم ، فيعد ذلك نمصا وهو محرم ، وهنا يجنمع محرمان الوشم والنمص ، والدليل على تحريم الوشم: قوله تعالى: إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا . لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا . وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا النساء / 117 – 119 .
فالوشم أحد سبل تغيير خلق الله ، قال القرطبي في تفسير هذه الآية :”وقالت طائفة : الإشارة بالتغيير إلى الوشم، وما جرى مجراه من التصنع للحسن ، قاله ابن مسعود والحسن” انتهى من ” تفسير القرطبي ” ( 5 / 392 ) .
وعن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : ” لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ .
فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ : إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ ؟
فَقَالَ : وَمَا لِي لا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ…” رواه البخاري (4886) ومسلم (2125).
ورواه النسائي (5253) بلفظ : ” لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ” وصححه الألباني في “صحيح النسائي” .
قال النووي رحمه الله :”الواشمة : فاعلة الوشم، وهى أن تغرز إبرة أو مسلة أو نحوهما ، في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة ، أو غير ذلك من بدن المرأة ، حتى يسيل الدم ، ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النورة فيخضر ، وقد يفعل ذلك بدارات ونقوش ، وقد تكثره وقد تقلله .
وفاعلة هذا الأمر واشمة ، والمفعول بها موشومة ، فإن طلبت فعل ذلك بها ، فهي مستوشمة . وهو حرام على الفاعلة والمفعول بها باختيارها ، والطالبة له” انتهى من “شرح النووي على مسلم” ( 14 / 106).
يصبح الوشم من الأشياء المباحة عندما يستخدم لإزالة داء مثل تغطية الجلد المحروق على سبيل المثال وفقا لما روى أبو داود (4170) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : ” لُعِنَتْ الْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ وَالنَّامِصَةُ وَالْمُتَنَمِّصَةُ وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ مِنْ غَيْرِ دَاءٍ ” والحديث صححه الألباني في “صحيح أبي داود” .
وروى أحمد (3945) عن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال : “سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ ، إِلَّا مِنْ دَاءٍ ” وقال الشيخ أحمد شاكر : إسناده صحيح .
قال الشوكاني رحمه الله : ” قوله : ( إلا من داء ) ظاهره : أن التحريم المذكور إنما هو فيما إذا كان لقصد التحسين ، لا لداء وعلة ، فإنه ليس بمحرم ” انتهى من “نيل الأوطار” (6/229).

رد المفتي شوفي علام على فتوى المايكروبليدنج
جاء في نص طلب الفتوى : “ظهر حديثًا تقنية جديدة تستخدمها بعض النساء لتجميل الحاجبين تسمى بـ”المايكروبليدنج” ، تعتمد على رسم ظاهري للحواجب على الطبقة الخارجية للجلد، بواسطة حبرٍ خاص لا يتسرَّب إلى أعماق البشرة، حيث يقوم المختصُّ بملء الفراغات وتحديد الشكل من دون إزالة الشعر الطبيعي”.
ورد عليها قائلًا : “أباحت الشريعةُ الإسلامية الزينةَ بضوابطها الشرعية؛ قال الله تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ، كما حثَّت المرأةَ على الاهتمام بزينتها واعتبرت هذا حقًّا أصيلًا من حقوقها؛ وذلك مراعاة للفطرة التي فُطِرت عليها من حُب الزينة، فالزينة بالنسبة لها تُعَدُّ من الحاجيات؛ إذ بفواتها تقع المرأة في الحرج والمشقة، وقد روى الحافظ أبو موسى المديني في كتاب “الاستفتاء في معرفة استعمال الحناء” عن جابر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: يَا مَعشَرَ النساء، اخْتَضِبْن، فإن المرأة تختضب لزوجها، وإن الأَيِّم تختضب تتعرض للرزق من الله عز وجل، ونقله عنه ابن مفلح من الحنابلة”.
وأكد أن تحديد أو رسم الحواجب أو تغيير لونها باستخدام الصبغات الطاهرة التي تزول بعد فترة من الوقت ولا يأخذ الشكل الدائم، أو ما يعرف بتقنية “المايكروبليدنج” حلال.
وشدد على إنه لا يُعد الرسم الظاهري للحواجب على الطبقة الخارجية للجلد، وتحديد شكلها من دون إزالة الشعر الطبيعي بواسطة الحبر الذي لا يتسرب إلى أعماق البشرة ولا يصل إلى الدم، سواء أكان لمعالجة عيوب الحواجب أو كنوع من الزينة تغييرًا لخلق الله تعالى المنهي عنه.
وبين أن الضابط في تغيير خلق الله المنهي عنه والذي نص عليه أهل العلم: أن يسبب ضررًا لفاعله، وأن يعمل في الجسد عملًا يُغير من خلقته تغييرًا دائمًا باقيًا، كالوشم وتفليج الأسنان ووشرها، أما إذا خلا من ذلك فلا يُعَدُّ تغييرًا لخلق الله، والرسم بهذه الطريقة يتأثر بالعوامل المتعددة من الحر والبرد وتغيير الجلد والاغتسال ونحو ذلك من العوامل المختلفة، ولا سيما إذا كان فعل هذا الأمر فيه مصلحة مباحة لفاعلته.