الوسواس القهري في الدين يعد من أكثر الوساوس المنتشرة، وهو يكون متعب ومؤلم جدا لنفس الإنسان؛ نظرًا لأنه يتصادم مع قيمه، وبإذن الله فإن صاحب الوسواس لا حرج عليه، ولكنه يجب أن يخضع للعلاج.
الوسواس القهري في الدين
ما هو الوسواس القهري
الوسواس القهري هو اضطراب يتسم بالافكار الغير مرغوب بها والهواجس بشأس شئ ما، بالإضافة إلى الأفعال والسلوكيات التي يقوم بها الشخص الذي يعاني من ذلك الاضطراب بغرض التخفيف من شعوره بالقلق، وهذا الاضطراب مزعج بشكل كبير؛ نظرًا لأنه قد يستحوذ على عقل المريض ويجعله دائم الخوف، ويسيطر على حياته بشكل كبير.
الوسواس القهري الديني
إن الوسواس القهري في الدين هو شكل من أشكال الوسواس القهري الذي يكون قائم على الهواجس المتعلقة بالدين أو المعتقدات الدينية أو المعتقدات الخاصة بالأخلاق، حيث يعاني الأشخاص المصابين به من الشكوك والمخاوف الدينية الهوسية والأفكار والصور التجديفية الغير مرغوب بها.
ويلجأ بعض المصابين بالوسواس القهري في الدين إلى القيام ببعض الطقوس الدينية الإجبارية لكي يشعروا بالطمأنينة ويتجنبوا القلق، وهذا الوسواس لا يعني أن الشخص ليس متدين، بل إن أغلب من يعانون من هذا الوسواس يكونوا مؤمنين بشدة ويخشون العقاب من الله.

نماذج الوسواس القهري في الدين
هناك العديد من النماذج المختلفة التي قد تظهر على الشخص المصاب بالوسواس القهري في الدين، وهي تنقسم إلى أفكار وسواسية تؤدي بدورها إلى عمل أفعال قهرية وقد يصاحبها سلوك تجنبي، وفيما يلي نماذج مختلفة :
وسواس في أعمال الخير
يمكن أن يسيطر على الشخص فكرة وسواسية بأن أفعال الخير التي يقوم بها مثل الصلاة والصدقات ما هي إلا رياء، وأنه غير مخلص لله تعالى.
يترتب على هذا الأمر فعل قهري وهو أن يحاول المريض أن يخفي أفعاله الخيره بشكل مبالغ فيه، وقد يؤدي ذلك إلى تجنبه للصلاة في المسجد وعدم اعطاءه الصدقات لأنه يظن أن ذلك ليس اخلاصا لله.
وسواس في الأذكار
قد يسيطر على الشخص وسواس بأنه لم يقم بقول الأذكار بنطق سليم، أو أن قلبه لم يتأثر بها، وينتج عن ذلك فعل قهري وهو إعادة الأذكار العديد من المرات بشكل مبالغ فيه.
قد يصاحب هذا الأمر سلوك تجنبي، فقد يلجأ المريض لإغماض عينه عند الذكر ليتجنب الشعور بالتشتت، وقد يظل مستمر على هذا الأمر لمعظم اليوم.
وسواس في الصيام
يمكن أن يسيطر على الشخص وسواس الخوف من بلع ريقه في الصيام خوفا من أن يكون مفطرا، بالإضافة إلى الخوف من أن يكون قد شرب أو أكل أثناء صيامه سواء ناسيًا أو متعمدًا.
هذا الوسواس يدفع الشخص إلى منع نفسه من بلع ريقه تمامًا، وقد يقوم بصيام أيام أخرى بعد انتهاء رمضان عوضا عن تلك الأيام التي راوده فيها الشكوك، وقد يلجأ الشخص لسلوك تجنبي من خلال حبس نفسه بغرفة لا تشتمل على ماء أو طعام.
وسواس في مغفرة الذنوب
قد يعاني الشخص من أفكار وسواسية متعلقة بالذنوب، حيث قد يظن أن ذنوبه لن تغتفر ابدا مهما كانت تلك الذنوب بسيطة، وكنتيجة لذلك قد يقوم بفعل قهري وهو اطالة الصلاة بشكل مبالغ فيه طوال الليل، وكثرة الاستغفار بشكل كبير.
وسواس في ذات الله
يمكن أن يعاني المصاب بأفكار وسواسية تخص ذات الله، وقد تكون على هيئة سب وخيالات لا تمت للواقع بصلة وأفكار تجديفية، وقد يلجأ الشخص لمعاقبة نفسه لخوفه من تلك الوساوس، فقد يمتنع عن الأكل أو النوم وما إلى ذلك.
كيفية علاج الوسواس القهري الديني
إن معالجة الوسواس القهري هي عملية معقدة وتعتمد مدتها على حالة المريض، وفي بعض الحالات قد يتطلب الأمر حصول المريض على علاج متواصل مستمر لمدى الحياة، وقد يساعد العلاج المريض على أن يتعامل مع أعراض الوسواس أو يواجهها أو يحجمها لكي لا تسيطر على حياته.
يوجد عاملين أساسيين لمعالجة الوسواس القهري وهما العلاج الدوائي والعلاج النفسي، ويختلف نوع العلاج طبقا لحالة المريض، ومن الممكن الدمج بين العلاجين للحصول على نتائج جيدة.
العلاج النفسي للوسواس القهري
يخضع مرضى الوسواس القهري للعلاج المعرفي والإدراكي، وهي الطريقة الأفضل لعلاج الوسواس القهري سواء في الحالات البسيطة أو الكبيرة، ويعمل العلاج على التخلص من القلق والمعتقدات الخاطئة بشكل تدريجي، ويقلل من أعراض الاضطراب بمرور الوقت.
العلاج الدوائي للوسواس القهري
غالبًا ما يكون العلاج الدوائي مصاحبًا للعلاج النفسي، حيث يساعد العلاج الدوائي على السيطرة على السلوكيات القهرية والوسواس، وعادةً ما يتم البدء يتناول مضادات الاكتئاب، حيث أنها تعمل على رفع نسبة السيروتونين بالمخ التي يتسبب انخفاضها في حدوث تلك الأعراض.

هل يؤاخذ المسلم على الوساوس الدينية ؟
– إن الوسواس له العديد من الدرجات المختلفة، سواء من ناحية المرضية، ومن ناحية المصدر والأثر، فالوساوس التي تدعو الإنسان لكي يسمع أو يرى المحرمات وأن يفعل الفواحش قد تكون مصدرها النفس الأمارة بالسوء، أو شياطين الجن، أو شياطين الإنس.
– إن وسوسة الشيطان تزول عند الاستعاذة بالله، بينما وسوسة النفس تزول أيضا بالاستعاذة، وبأن يعمل العبد على تقوية صلته بالله تعالى ويترك المنكرات، ولكن في حالة تحول الوساوس إلى مرض ” الوسواس القهري “، فإنها تكون وساوس قهرية، وفي أغلب الأحيان يصعب مقاومتها، لذلك فإن الشخص يكون في حاجة للخضوع للعلاج.
– المسلم لا يؤاخذ على وساوس النفس والشيطان، طالما أنه لم يقم بالتكلم بها أو العمل بها، وقد أمرنا الله بأن ندفعها، فإذا تهاونا في مدافعتها فإننا نؤاخذ على هذا التهاون، أما بالنسبة للوسواس القهري فهو لا يؤاخذ عليه المسلم؛ نظرًا لأنه خارج عن إرادته، ومن ابتلى به عليه أن يخضع للعلاج ويستعين بالله تعالى.