جعل الله في قصص الأنبياء عبرة وعظة للناس وقص على نبيه ورسوله (محمد صلى الله عليه وسلم) منها الكثير وأنزلها في آيات القرآن إذ قال: “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ”.ً
قصص الأنبياء
إن الله تعالى اصطفى من خلقه عبادًا اختصهم بتبليغ رسالاته إلى الناس وتعريفهم بمنهجه القويم في الأرض وليكونوا أيضًا مبشرين برحمته ومنذرين من عذابه، ألا وهم الأنبياء إذ قال تعالى “وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ۖ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ “.
قصة آدم
من أهم وأبرز قصص الأنبياء، قصة آدم عليه السلام أبو البشر، إذ أراد الله تعالى أن يخلق البشر ليعمروا في الأرض بعد أن أفسد فيها الجن وسفكوا الدماء، فبدأ خلق آدم من قبضة قبضها من جميع طين الأرض فسواه على الصورة التي أراده بها ونفخ فيه من روحه وخلق حواء من ضلعه، وذكر الله خلق آدم في مواضع كثيرة من كتابه الكريم منها قوله تعالى: “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ”.
وبعد ذلك أمر الله الملائكة أن يسجدوا له فسجدوا جميعًا إلا إبليس أبى أن يسجد ظنًا منه أنه خيرًا من آدم فطرده الله من رحمته وكان من ذلك ما جاء في سورة الأعراف إذ قال تعالى: “وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13)”
وأسكن الله آدم وزوجته في الجنة وقال لهما أنا يأكلا منها كل ما تشتهيه نفسيهما، ونهاهما عن الاقتراب من شجرة واحدة فيها فظل يوسوس إليهما الشيطان حسدًا من عند نفسه ليخرجهما مما فيه فأكلا من الشجرة فعصا آدم ربه فأخرجه الله مما كان فيه هو وزوجه وأنزلهما إلى الأرض ولكنه تاب إلى الله عما فعل فاستخلفه فيها وجعل له نسلا وذرية.
قصة إدريس عليه السلام
سيدنا إدريس هو ثالث نبي لله في الأرض بعد آدم وشيث، وقيل أن اسم إدريس مشتق من الدراسة إذ كان حريصًا على دراسة الصحف التي أنزلها الله على سيدنا آدم وابنه شيث وهو أول من خطّ بعد آدم وأول من قطع الثياب وخاطها.
ولد سيدنا إدريس في مدينة بابل بالعراق وكان لديه علم أبويه شيث وآدم عليهما السلام ولما بلغ اشده آتاه الله الرسالة والنبوة وعاش ألف سنة وكان يدعو الناس إلى عبادة الله وتنزيهه عن الشرك والامتثال لأوامره واجتناب نواهيه وأنه سبحانه هو خالقهم وخالق كل شيء ومالك الأكوان كلها.
فأطاع سيدنا إدريس بعض الناس وخالفه البعض فهاجر هو ومن أطاعوه من بابل إلى أرض مصر حيث ظل هناك لإتمام رسالته في الدعوة إلى الله وقيل إن الله رفعه إلى السماء الرابعة وتوفاه فيها، ولكن الراجح عند الكثير من أهل العلم أن الله توفاه على هذه الأرض لقوله تعالى: “مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى”.
قصة نوح عليه السلام
من أهم قصص الأنبياء التي ذكرها الله في كتابه قصة سيدنا نوح إذ أنه أحد أولي العزم من الرسل.
ولد سيدنا نوح بعد 126 عامًا من موت سيدنا آدم وعاش على الأرض 950 سنة يدعو الناس إلى عبادة الله وحده بعد أن كانت قد انتشرت بينهم عبادة الأصنام.
لقي نوح من الناس عنتًا شديدًا وعصيانًا واستكبارًا عليه وعلى من آمنوا معه وإصرارًا على الكفر فكان حليمًا بهم صبورًا عليهم لا ييأس منهم ولا يعرض عنهم رغم ما يلاقيه منهم ولذلك كان نوح أحد أولي العزم من الرسل.
ظل الأمر هكذا إلى أن أمره الله أن يصنع سفينة ثم أرسل طوفانًا من الأرض وماءً منهمرًا من السماء ليهلك الذين كفروا وأمر نوًحا أن يحمل في السفينة من آمنوا معه ومن كل مخلوقات الأرض زوجين اثنين لينجيه ومن معه بذلك، وقد وردت قصته في القرآن الكريم في عدة سور فضلًا عن أن هناك سورة باسمه وهي سورة نوح.
هود عليه السلام
سيدنا “هود” هو أحد أنبياء الله وكان من قوم عاد وهم أحد أقوى وأعتى الأقوام الذين ذكرهم الله في القرآن وكانوا يسكنون مدينة إرم وهي من أعظم المدن وكانت أنعُم الله عليهم كثيرة ولكنهم كانوا كفارًا يعبدون الأصنام، فأرسل الله إليهم سيدنا هود ليدعوهم إلى ترك الأصنام وعبادة الله وحده.
أصر قوم عاد على كفرهم وعنادهم وأذاهم لهود ومن آمنوا معه فأرسل الله عليهم ريحًا صرصرًا عاتية وسخرها عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيام حتى أهلكتهم، وقد وردت سورة في القرآن باسم سيدنا هود وقصته مع هؤلاء القوم.
قصة إبراهيم “خليل الله”
قصة نبي الله إبراهيم من أبرز قصص الأنبياء التي وردت في القرآن فهو خليل الله وأحد أولي العزم من الرسل وورد ذكره في كثير من المواضع في كتاب الله ومنها ما ورد في سورة النحل: “إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120)، كما أن الله تعالى جعل سورة في القرآن باسمه وهي سورة إبراهيم.
ولد سيدنا إبراهيم في بابل بالعراق وكانت أول دعوته إلى أبيه أزر الذي كان يعبد الأصنام ثم انتقلت دعوته إلى قومه ولكنهم أصروا على الكفر فاهتدى إلى حيلة ليحطم أصنامهم وعندما علموا أنه هو الفاعل أرادوا تحريقه فوضعوه في نار عظيمة ولكن الله نجاه منها.
ارتحل إبراهيم عليه السلام مع زوجته سارة وابن أخيه لوط (وهو أحد أنبياء الله أيضًا) إلى فلسطين ثم انتقل إلى مصر وتزوج من هاجر، وأنجب منها إسماعيل كما أنجب إسحاق من سارة وهما نبيان كريمان من أنبياء الله.
قصة كليم الله موسى
قصة سيدنا موسى من أكثر قصص الأنبياء ورودًا في القرآن، وقد ولد في عهد فرعون الذي كان يقتل كل مولود لبني إسرائيل فأوحى الله إلى أمه أن تلقيه في اليم، فألقاه اليم عند قصر فرعون فأخذته امرأة فرعون وتربى وبلغ أشده هناك.
وقد أرسل الله نبيه موسى إلى فرعون الذي كان أحد طغاة الأرض ليخلص بني إسرائيل من تعذيبه لهم ولكنه أصر على عناده فأمر الله موسى أن يسري بقومه إلى البحر فأتبعهم فرعون بجنوده ولكن الله أغرقهم في البحر وجعلهم عبرة لمن يعتبر.
قصة سيدنا عيسى
ولد نبي الله عيسى ابن مريم في مدينة بيت لحم بفلسطين، وهي من أكثر قصص الأنبياء المليئة بالمعجزات، حيث تكلم نبي الله عيسى وهو في المهد صبيًا ولكن اليهود أنكروه وأمه وازداد أذاهم لهما فأوحى الله إلى مريم أن تذهب به إلى مصر، ومكث فيها حتى بلغ 13 سنة.
رجع عيسى بعد ذلك إلى بيت المقدس وظل هناك حتى أنزل الله عليه الإنجيل وآتاه معجزات كثيرة كإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله وإخبار الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم.
ورغم ذلك ما آمن مع نبي الله عيسى إلا قليل من بني إسرائيل وبقي الكثير منهم على الكفر وأرادوا أن يقتلوه فرفعه الله إليه وألقى شبهه على رجل منهم فصلبوه وقتلوه ظنا منهم أنه عيسى.