إذا أردنا أن نتحدث عن قراءة أفضل قصص يمكن أن نخرج منها بأكبر استفادة على الإطلاق فبلا شك سنتحدث عن قراءة قصص عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه معلم البشرية الأكبر وإنه أرسل بأفضل منهج وضعه الله للناس ليُقَوِّمَ ويقيم به منهج حياتهم، كما أن لقراءة قصص عن الرسول فائدة كبيرة من الجانب الديني إذ أنها تقوي الإيمان في النفوس والقلوب.
القصة هي أسلوب أدبي يعتمد على التشويق في تتابع الأحداث بطريقة تجذب القارئ وتقدم له إفادة كبيرة في عدة جوانب ليس أهمها الجانب الترفيهي، فإنها تقدم له عبرة من أحداثها أو تعطيه نصيحة بشكل غير مباشر.
ومن أهم الفوائد أيضًا لقراءة قصص عن الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته بشكل عام أنها تحتوي على النماذج المُثلَى التي يمكن أن يطبقها الإنسان في جوانب حياته كافة.
قصص عن الرسول
قصة النبي مع أبي جهل عند الكعبة المشرفة
كان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم متوجهًا إلى الكعبة ليصلي عندها فأتى إليه أبو جهل متوعدًا إياه بأنه لو رآه يصلي فإنه سوف يطأ على رقبته ويعفر وجهه في التراب، وأنه سوف يجمع أهل قريش ليشهدوا على ذلك.
لم يهتم رسول الله بكلام أبي جهل وبدأ في الصلاة فانتظر أبو جهل حتى وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم واقترب منه لينفذ ما هدده به، وفجأة توقف وتراجع كانت تبدو على وجهه علامات الخوف وبدأ يحرك يديه كأنه يتقي بهما شيئًا ما.
تعجب الناس منه وقالوا له: “لماذا لم تفعل ما توعدته به وها هو أمامك ساجد؟”، فقال: “رأيت بيني وبينه خندقًا فيه نار عظيمة وأهوالًا وأجنحة”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا”.
وفي ذلك أنزل الله على نبيه تلك الآيات من سورة العلق: “كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ (7) إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَىٰ (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰ (10) أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَىٰ (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَىٰ (12) أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ (13) أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ (14) كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ۩ (19)”.
صدق وأمانة رسول الله
وهناك في السيرة قصص عن الرسول تروي مواقف كثيرة عن صدقه وأمانته بين الناس.
وعرف رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بالصدق والأمانة في قومه قبل نزول الوحي وبعده فكانوا يلقبونه بـ” الصادق الأمين”، حتى أن أعداءه كانوا يشهدون له بالصدق والأمانة، وفي ذلك عدة مواقف منها:
كان أبو جهل من أشد الناس عداوة وبغضًا للنبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل ذات يوم وسأله: “يا أبا الحكم.. هل محمد صادق أم كاذب؟”، فقال: “ويحك يا رجل.. والله عن محمدًا صادق وما عرفناه يكذب من قبل، ولكن إذا ذهبت بنو قصي باللواء والسقاية والحجابة والنبوة، فماذا يكون لسائر قريش؟”.
وفي موقف آخر كان رجل يدعى النضر بن الحارث من أشد الناس عداوة لرسول الله فقام يخطب في الناس وقال لهم: “يا معشر قريش، إنه والله قد نزل بكم أمر ما أتيْتم له بحيلة بعْد، قد كان محمد فيكم غلامًا حدثًا، أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثًا، وأعظمكم أمانةً، حتى إذا رأيتم في صدْغيْه الشيب وجاءكم بما جاءكم به، قلتم: ساحر. لا والله ما هو بساحر؛ لقد رأينا السَّحرة ونفْثهم وعقدهم، وقلتم: كاهن. لا والله ما هو بكاهن؛ قد رأينا الكهنة وتخالجهم، وسمعنا سجعهم، وقلتم: شاعر. لا والله ما هو بشاعر، فقد رأينا الشعر، وسمعنا أصنافه كلها.. هزجه ورجزه، وقلتم: مجنون. لا والله ما هو بمجنون.. فانظروا في شأنكم فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم”.
كما كان الرسول الكريم يحث الناس على الصدق وله في ذلك الكثير من الأحاديث منها أنه صلى الله عليه وسلم قال “عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا”.
إكرام النبي للضيف
وفي السيرة أيضًا قصص عن الرسول صلى الله عليه وسلم تظهر إكرام النبي للضيف وكان يحث على ذلك حيث قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت”.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ضيفًا فبعث إلى نسائه سائلًا إن كان هناك ما يضيف به الرجل فقلن ما عندنا إلا الماء، فسأل أصحابه: “من يضيف هذا الرجل” فقال رجل من الأنصار: “أنا أضيفه يا رسول الله”، فأخذ الرجل وذهب به إلى بيته وقال لامرأته: “أكرمي ضيف رسول الله”، فقالت ما عندنا إلا قوت صبياني”.
وكان كل ما يشغل بال الرجل أن يكرم ضيف رسول الله فقال لها: “هيئي طعامك وأصبحي سراجك ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاءً”، فأطاعته زوجته واعدت الطعام ونومت صبيانها، وأظهر للرجل أنهما يأكلان حتى لا يشعر بالحرج، وأكل ضيف النبي، وبات الرجل وامرأته وليس في بطونهم طعام.
وفي اليوم التالي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل: “ضحك الله الليلة وعجب من فعلكما”، فأنزل الله تعالى قوله: “ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون”.
النبي يداعب امرأة عجوز
كما وردت في السيرة قصص عن الرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم تظهر أنه كان يحب مداعبة أصحابه ويحب أن يدخل السرور والبهجة عليهم وكان صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق حتى في مزاحه.
ذات يوم جاءت امرأة عجوز إلى النبي وقالت له: “يا رسول الله.. ادعُ الله أن يدخلني الجنة”، فأراد أن يمازحها صلى الله عليه وسلم فقال لها: “يا أم فلان، إِن الجنة لا تدخلها عجوز”، فانصرفت المرأة وهي تبكي من شدة الحزن، فقال النبي لأصحابه: “أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز إن الله تعالى، يقول: {إنا أنشأناهن إنشاءً فجعلناهن أبكارًا عربًا أترابًا}”.
وذلك يعني أن النبي قصد من مزاحه أن الله سيعيد هذه المرأة إلى شبابها وجمالها في الجنة.
ولد الناقة
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحمله أي يطلب منه دابة تحمله في سفره، فأراد النبي أن يمازح الرجل فقال له: “إني جاملك على ولد الناقة”.
تعجب الرجل مما قاله النبي الكريم وظن أنه صلى الله عليه وسلم سوف يعطيه ابن صغير للناقة فكيف له أن يقوى على حمله كما أنه لن يستطيع تحمل مشقة السفر، وكل هذا لا يفعله إلا الإبل الكبيرة”.
وقال الرجل: “يا رسول الله.. ما أصنع بولد الناقة؟”، وأراد رسول الله أن يذهب التعجب عن الرجل فقال له: “وهل تلد الإبل إلا النوق؟” أي أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يقول للرجل أنه سيعطيه ناقة كبيرة تحمله في سفره ولكنه سماها بـ”ولد الناقة” لأنه من الطبيعي أن أي ناقة تكون لها أم قد ولدتها.