كفارة المجالس ما المقصود بها وما دعاء كفارة المجالس، كثيرًا ما تتم مجالس جماعية سواء بين أفراد الأسرة أو الأصدقاء، ويمكن أن تأتي سيرة أشخاص في تلك المجالس بما يكرهون، أو قد يتم الكلام بكلمات بذيئة، وما إلى ذلك من الأخطاء التي تنتج عنها ذنوب كثيرة، فكيف نكفر عنها ؟
كفارة المجالس ما المقصود بها وما دعاء كفارة المجالس
كفارة المجالس
أوضح لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن من أسباب حسرة العبد يوم القيامة هو حينما يكون جالسًا بمجلس لا يذكر به الله تعالى، حتى إذا لم يكن فيه كلام محرم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِساً لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً -أي حسرةً ونقصانًا-، وَمَا مَشَى أَحَدٌ مَمْشًى لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً، وَمَا أَوَى أَحَدٌ إِلَى فِرَاشِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً) .
فكيف يكون الحال إذا ورد حدث في المجلس أشياء تغضب الله سبحانه وتعالى مثل الخوض في الباطل، أو الوقوع بالغيبة، أو النميمة أو البهتان وما إلى ذلك، وقد يرد فيه فحش بالقول، أو سخرية، أو استهزاء، أو كذب، أو غضب يسبب الخروج عن الشعور بأمور لا تليق، وما إلى ذلك من الأمور المختلفة.
ويجب على المسلم أن يحرص على ألا يتحدث لسانه بما يغضب الله، ومع ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن نفس الإنسان ضعيفة، ويمكن أن تقع في معاصي اللسان حتى لو اجتهدت في عكس ذلك، ولهذا السبب فقد شرع لنا سنة نبوية نلتزم بها، وقد حثنا على القيام بها لتكفير ذنوبنا، وهي الدعاء الخاص بكفارة المجالس.
دعاء كفارة المجالس وأدلة من السنة النبوية
– ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء يقال في نهاية المجلس قبل القيام منه، وأوضح لنا أن هذا الدعاء يغفر الذنوب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ، فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ، فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ).
ويُقصد باللغط هو الصوت والجلبة، والمراد به هو الهراء من القول، والكلام الذي لا طائل تحته، والجلبة التي تخلو من الفائدة، فإن الشخص الذي يجلس في مجلس يتضمن تلك الأشياء، فعليه الحرص على الدعاء السابق، ويتضمن هذا الدعاء تنزيهًا لله تعالى من العيوب، وإثباتًا لألوهيته، ثم العودة له للاعتراف بالذنب وطلب المغفرة والتوبة.
– وعن أَبي بَرْزَةَ رضي الله عنه قال: ( كان رسول ﷺ يقولُ بأَخَرَةٍ إذَا أرَادَ أنْ يَقُومَ مِنَ الْمَجِلسِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبَحَمْدكَ أشْهدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ فقال رَجُلٌ يارسول الله إنَّكَ لَتَقُولُ قَوْلاَ مَاكُنْتَ تَقُولُهُ فِيَما مَضَى؟ قَالَ: ذلكَ كفَّارَةٌ لِماَ يَكُونُ في الْمجْلِسِ ).
– روى الحاكم في مستدركه عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، فَقَالَهَا فِي مَجْلِسِ ذِكْرٍ كَانَتْ كَالطَّابِعِ يُطْبَعُ عَلَيْهِ، وَمَنْ قَالَهَا فِي مَجْلِسِ لَغْوٍ كَانَتْ كَفَّارَةً لَهُ ).
دعاء ختم المجلس
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا أنه كان يختم مجلسه من خلال دعاء يقوم فيه بذكر الله عز وجل، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ لأَصْحَابِهِ:
(اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا, وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا, وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا, وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا).
هل تقال كفارة المجلس عند القيام منه بنية الرجوع
لم يرد في كلام شرح الحديث ما يبين أن هذا الحديث يقال عند القيام من المجلس بنية الرجوع أم لا، وعمومًا فإنه إذا قام بذكره فلا بأس في ذلك فهو حسن، ولكن السنة هو قوله في نهاية المجلس، وليس لمن يقوم بنية الرجوع من قريب.
وهناك بعض العلماء الذين ذكروا أنه في حالة الخروج من المسجد بنية الرجوع من قريب، فإنه لم تسن له تحية المسجد، حيث قال الشيخ ابن عثيمين:
( إذا خرج الإنسان من المسجد بنية الرجوع، فإن رجع عن قرب فإنه لا يصلي تحية المسجد، مثل لو خرج للوضوء ورجع، أو خرج يأتي بكتاب من البيت ورجع… والدليل أن الرسول عليه الصلاة والسلام أذن للمعتكف أن يخرج للحاجة إلى بيته ثم يرجع، فدل هذا على أن الخروج اليسير لا يعتبر خروجاً من المسجد، فكأن هذا الذي خرج من المسجد وهو بنية الرجوع عن قرب، كأنه لم يخرج منه ).
وبذلك يمكن القول بأن القيام من مجلس بنية الرجوع إليه من أخرى لا يمكن اعتباره مفارقة للمجلس، وإذا قام الشخص بإتبان الذكر فإنه أمر حسن، فالذكر هو أمر مرغب فيه بكافة الأحوال.
اقرأ أيضًا: